فاعلية الموسيقى في جلسات علاج النطق واللغة
بقلم عبير عيسى ويلكوكس (معالجة النطق واللغة)
“إذا تحدثت إلى رجل بلغة يفهمها ، فإنها تذهب إلى رأسه. إذا تحدثت إليه بلغته ، فهذا أمر يسير في قلبه “- نيلسون مانديلا
يمكن أن تكون الموسيقى “لغة الطفل الخاصة” التي يستخدمها للتعبير عن نفسه، وللتواصل مع الآخرين.
بصفتي معالجة للنطق، فإني أستخدم الموسيقى دائمًا في جلساتي. ومع الوقت أدركت مقدار جاذبيتها للطفل، بل وصرت أراها الجزء الأكثر إمتاعًا من الجلسة!
على مر التاريخ ، كانت الموسيقى جانبًا أساسيًا مهما في الثقافات في جميع أنحاء العالم، وقد تم استخدامها لأغراض عديدة، بما في ذلك علاج النطق، ذلك أن الموسيقى توفر إيقاعًا ثابتًا ومتكررًا يساعد الأطفال على فهم ما يتعلمونه (ستانتون، 2018).
هناك العديد من الدراسات المستندة إلى الأدلة التي تؤكد دور الموسيقى في مساعدة الأطفال الذين يعانون من مشكلات لغوية في الحديث والتواصل، نقصد بذلك أطفالا يعانون من صعوبات في مجالات تتعلق بمهارات الانتباه والاستماع، وفهم اللغة، واتباع التعليمات البسيطة أو المعقدة، والتعبير عن أنفسهم بشكل كامل، والتفاعل مع الأقران والبالغين، والسلوكيات الصعبة.
قد تمثل أنشطة الحياة اليومية تحديًا لهؤلاء الأطفال، وبالتالي فإن الجلسات التي تستخدم الموسيقى تضيف بُعدًا آخر لتعلمهم، إذ توفر مساحة من الراحة، يمكن تمثله، حين يعفى الطفل من ضغوطات الحديث لبضع دقائق، ويستبدلها بالاستماع الحر للموسيقى، أو المشاركة في الغناء مع المعالج. (Chandhok ، 2018)، مما يساعد في خلق حالة من المرح في نفس الطفل.
انطلاقا من معرفتنا بأن مهارات الانتباه والاستماع هي أساس كل تعليم، وأنها تستحق كل اهتمام لفهم اللغة، فإن مقاطع فيديو “آدم ومشمش” تشكل مادة غنائية موسيقية تجذب الأطفال الذين يعانون من مشاكل لغوية، كذلك فإنها تتضمن صورًا ملونة جميلة، مع إيقاعات تواكبها حركات وأفعال تشجع الأطفال على تقليدها. وهو ما يمكن تسميته نهجا متعدد التخصصات.
علما أني وضمن إجراءات روتينية في جلساتي، قمت باستخدام الأغاني، فوجدت أنها تلعب دورا في شد الأطفال للمحافظة على التعليمات واتباعها.
أبدأ الجلسات بأغنية “مرحبًا” ، ثم أختم بأغنية “الوداع”، مما يساعد في توفير بنية روتينية يمكن التنبؤ بها في الجلسات، كذلك فإني وجدت أن بوسع هذه البنية مساعدة الأطفال على أن يصبحوا أقل قلقًا، بل ويتعلموا بشكل أكثر فعالية، من شأنه التقليل من السلوكيات الصعبة (Spagnola and Fiese ، 2007).
من خلال تجربتي مع أغاني “آدم ومشمش” أستطيع أن أقول إنها تشكل طريقة رائعة لتعليم المفردات! على سبيل المثال، عند غناء “أصوات الحيوانات ٢ “، نعرض للطفل لعبة / رسم “قطة” ، ثم نقول له، ماذا تقول هذه القطة؟ ننتظر جواب الطفل، بعد أن نشجعه على غناء أصوات الحيوانات ، “ميو، ميو ، ميو”.Play
يمكن للأغاني أيضا تعليم بعض المفاهيم ؛ كما تعليم أجزاء الجسم “من رأسي إلى قدمي”. كما إنا وجدنا أن استخدام الآلات الموسيقية، يساعد الأطفال على فهم واستخدام مجموعة متنوعة من الكلمات ، مثل: بطيء / سريع ، هادئ / مرتفع ، توقف، انطلق ، إلخ. وفي النهاية نجد أن الطفل سيكون قادرا على تذكر الأغنية بأكملها، مما يلعب دورا في تنشيط ذاكرته السمعية والتعبيرية، ويساعده في تطوير مهاراته اللغوية.Play
في جلسات المعالجة الجماعية، ندعم ونشجع الأطفال على العزف على آلة موسيقية، أثناء مشاهدتهم أغنية الآلات، كذلك نشجعهم على الغناء مع أقرانهم، لما يخلفه العزف والغناء من آثار فاعلة في بناء الثقة بين الأطفال، وتعزيز عملية التفاعل الاجتماعي الذي لمسناه حين يطلب المعالج من الأطفال التناوب في الغناء، أو في استخدام الآلات الموسيقية، التي تشجع مهارات التواصل الاجتماعي المناسبة. كما إن توزيع مقاطع الأغنية على الأطفال، يعلمهم كيفية الانتظار، وحتى تسلسل الأحداث (Chandhok ، 2018).
في جلساتي مع الأطفال الناطقين باللغة العربية، كنت أجد صعوبة في العثور على الأغاني المناسبة والجذابة والممتعة، وكثيرا ما ينتهي بي الأمر بترجمة الأغاني الإنجليزية، لأنها تبدو أكثر جاذبية وتتضمن صورًا وفيديوهات جميلة. لقد غير “آدم ومشمش” هذا الإجراء للأبد! فقد لاحظت أن الأطفال الذين يعانون من مشكلات في التواصل اللغوي، يستمتعون بمشاهدة مقاطع الفيديو من آدم ومشمش التي تتضمن إشارات لفظية ومرئية، تعمل بكفاءة عالية تجعلها أداة قوية جدًا تساعد المعالج في جلسات علاج النطق.