أهمية تمثيل الاختلافات في كتب الأطفال
بقلم يارا هنداوي
“الأدب يحول الخبرات الإنسانية ويعكسها لنا مرة أخرى ، وعبر هذه العلاقة التبادلية ، يمكننا أن نرى حياتنا وتجاربنا باعتبارها جزءا من التجربة الإنسانية الأكبر” – د. رودين سيمس بيشوب
الأصل في العالم الذي نعيش فيه اليوم أنه بوتقة واحدة تضم بشرا من مختلف الثقافات والأعراق والأديان المختلفة. إلا أن واقعنا المعاصر يقول شيئا آخر، فغالبا ما ينقسم المجتمع إلى مجتمعات بناء على الفروقات بين أفراده.
إن تأملا لمؤسساتنا التعليمية المختلفة ما بين دور الحضانة ورياض الأطفال والمدارس، التي تتيح فرصة التقاء الأطفال من خلفيات متنوعة، يفضي للسؤال التالي: ما أثر الكتب التي يقرؤها حفنة قليلة من الأطفال؟
في عام ألف وتسعة مائة وتسعة وتسعين ، قالت الأستاذة أخصائية التعليم في جامعة ولاية أوهايو الدكتورة رودين سيمس بيشوب ، “عندما لا يجد الأطفال أنفسهم في الكتب التي يقرؤونها ، أو عندما تكون الصور التي يرونها مشوهة أو سلبية أو مضحكة ، فإنهم يتعلمون درسًا قويًا حول كيف يتم الانتقاص من قيمتهم في المجتمع الذي هم جزء منه “.
وحين توصف كتب الأطفال أنها نافذة، فإن هذا يكون صحيحا عندما تمنح الطفل فرصة في أن يكون قادرا على تجربة شيء جديد، بغض النظر عن تجربته الخاصة، أما أن يكون الكتاب مرآة، فهذا يعني تمكين الطفل من رؤية نفسه من خلال شخصية تشاركه تجاربه ومشاعره الخاصة.
عودا لموضوع التنوع والاختلافات المبنية على أسس بيولوجية عنصرية. فبإمكان كتاب الطفل الالتفات إليها من خلال ما تظهره من مشاهد حول أطفال من أصول مختلفة، وخصوصا أولئك الذين يصنفون ضمن الأقلية، بما يعد شكلا من أشكال تعليم الأطفال أن الاختلافات موجودة، ولكنها لا تعني نظرة دونية للمختلف الذي قد يتمتع بميزات لا يمتلكها غيره.
قد يعاني الأطفال المحسوبون على الطبقة الاجتماعية المهيمنة من عدم توفر كتب ملائمة حول الآخرين ، أو بالأحرى النوافذ المطلة على حياة غيرهم من البشر ، فما يعرفونه من خلال ما تعلموه أن مجموعتهم الاجتماعية ذات أهمية تفوق الآخرين، فيرددون ما استمعوا إليه بطريقة ببغاوية عمياء لا تحترم الآخر ولا تقدر الاختلافات الطبيعية بين البشر .
في الشرق الأوسط ، لا تزال هناك جهود تعمل على تطوير التمثيل المتنوعة أو الاختلافات الطبيعية في كتب اللغة العربية، فهناك كتب متعددة تتناول موضوع الأطفال من ذوي القدرات المختلفة، لكن بعض ما ينشر ما زال مضللا ويفتقر إلى ضرورة اتباع ما يمكن تسميته نهجًا حساسًا أو مستنيرًا في هذا الأمر.
أذكر روان بيبرس ، صحافية من الأردن ، في مقال لها عن في حبر عبرت فيه عن قلقها بسبب عثورها على سلسلة كتب تباع في عمان تقوم بتصوير شخصية رئيسية تعاني من متلازمة داون بصفتها عبئا على أسرتها. تقول بيبرس: “كان يجب على السلسلة أن تصور على الأقل كيف أن أسر مواليد متلازمة داون محبة لأبنائها، وكيف أنها تقاتل بلا هوادة التصورات السلبية للمجتمع عن الأطفال ذوي الإعاقة. إنهم في الواقع يقاتلون ضد نفس القوالب النمطية التي تدعمها السلسلة للأسف. “
يجب أن يعمل الفنان ورواة القصص عند إنشاء كتب للأطفال بشكل جاد يقتضي تقصيا علميا يوفر ما يحتاجونه في مخاطبة الأطفال من وجهة تربوية ونفسية واعية. بصفتي رسامة للسلسلة القادمة من كتب آدم ومشمش، سوف أركز جهدي على إضفاء الحيوية على هذه الاختلافات التي سترونها في القادم من صفحات يمكنكم أن تعتزوا بها وتظهروا إعجابكم بها لو أحببتم.
واخيرا، فكر في كتاب مر عليك في مرحلة طفولتك شعرت فيه أنه يعكس حياتك الخاصة أو يعطيك نظرة خاطفة حول حياة الآخرين. هل أثار حبك للقراءة؟ هل أعطاك الثقة في كلماته المكتوبة؟ دعنا نمد هذا الفرح والحب والقبول لأطفالنا ليس فقط من خلال التحدث إليهم، وإنما عن طريق تحفيزهم باتجاه قراءة الكتاب المناسب.